كانت مدينة فاس قبل الإحتلال الفرنسي عاصمة الدولة المغربية , إلى أن تم نقلها (العاصمة) إلى مدينة الرباط, وكان لفاس دور مهم للأحداث التي عصفت بالمغرب بين القرن التاسع عشر إلى إقرار الحماية.
المصادر والمراجع التي اعتمد عليها في كتابة هذا المقال هي : كتاب المغرب عبر التاريخ الجزء 3 , ومقالة لعبد العزيز بن عبد الله , و مقالة لموقع مغرب تحت عنوان "انتفاضة فاس "
ما قبل الغزو الفرنسي لفاس :
تمثلت هذه المرحلة بثورة الجيلالي الزرهوني الملقب ببوحمارة , و الذي شكل معضلة للمخزن في الشرق و فشل مرارا في القضاء على ثورته , و قد كانت العديد من القبائل المتواجدة بين تازة و فاس تأيده , و كان جزء من أهل فاس و علمائها (القليل من هؤلاء) يرون فيه رجل المرحلة الذي سيتصدى إلى الغطرسة الفرنسية و تمددها , إلا أن إجماع علماء فاس كان ضد الجيلالي الزرهوني , و اتهموه بالكذب فيما يخص نسبه الشريف (وهم محقون في هذه النقطة ) .
وكان لثورته تلك عواقب وخيمة على المغرب حيث قام المخزن باقتراض أكثر وأكثر لتمويل الحملات الرادعة لبوحمارة , مما أعطى لفرنسا نفوذا أكبر .
وفي نفس المرحلة كان بقية المغرب لا يعيش أفضل أيامه , فالشاوية هي الأخرى منذ 1906 وهي تعيش في حرب بين كر وفر مع القوات الفرنسية , و إسبانيا في الشمال تتوسع بعد اتفاقها مع فرنسا ,
الريسوني:
كان للريسوني أثر كبير في الطريقة التي دخلت إليها القوات الفرنسية إلى فاس , وعلى عكس ما يتم تدريسه في المدارس حول هذه الفترة و تغييب شبه تام للريسوني فإنه كان لاعب أساسي , و قد سبق لويكي مغرب التحدث عن هذه الشخصية التاريخية من بلاد جبالة و دورها في مقاومة الإحتلال , و ذكرنا أيضا تجاوزاته.
و في كان المغرب من أقصاه إلى أقصاه يعيش في حالة من اللا استقرار قام ممثلون عن سكان فاس بتوجيه استفسار إلى علماء المدينة بشأن خلع مولاي عبد العزيز الذي كان سلطانا آن ذاك , و عددوا موجبات ذلك من الاستعاضة عن الزكاة بالترتيب واللجوء إلى إنشاء بنك يتعامل بالربا و بسط النفوذ الأجنبي وقتال الشاوية في الوقت الذي يتعرضون فيه لاكتساح جيش معاد, واحتلال هذا الجيش للصحراء الشرقية ووجدة..., و عندئذ استقر رأي علماء و ممثلي فاس إلى خلع مولاي عبد العزيز وبيعة مولاي عبد الحفيظ على أن يلتزم بشروط نصها الشيخ الكتاني , ووافق عليه وعلى نص الخلع وبيعة الشخصيات الأكثر تمثيلا, ووقعوا على البيعة الحفيظة المؤرخة بفاتح ذي الحجة 1325 , و كان مولاي عبد الحفيظ منذ حلوله بمشرع الشعير يتلقى أنباء الشاوية و يبعث بالنجدات إلى المحاربين بها إلى أن تكبد نصيره الشيخ البوعزاوي هزائم منبطة في أبريل 1908 , و عقد حينها مجلسا حربيا للنظر في ما يجب عمله , فتقرر الزحف على فاس بدل العودة إلى مراكش, و ذلك لأن قوات السلطان المخلوع كانت ما تزال تعسكر هناك, و فعلا دخل مولاي عبد الحفيظ فاس و وتلقى بيعته في 7 يونيو 1908 , و دخل عليه فقهاء فاس لتقديمها لكنه استنكر الشروط التي أضيفت إلى البيعة ووقعوا عليها , و من الشروط فسخ ميثاق الجزيرة الخضراء , و تحرير وجدة و الدار البيضاء و إلغاء الحمايات و مساندة العالم الإسلامي, و كف الولاة عن التدخل في القضاء ( تحرير القضاء) ...إلا أن العاهل اعتبر البيعة تعبر عن حقد شديد للأجانب,
و مع هذا قام السلطان الجديد بنفس أخطاء سلفه , الأمر الذي جعل البلاد تشتعل ابتداءا من 1909, وكانت هذه القبائل الثائرة في مدينة فاس تطالب ابتداء من أبريل 1911 بتنصيب سلطان جديد، وهو مولاي زين العابدين أخ السلطان مولاي حفيظ، كما كانوا يطالبون بتشكيل حكومة ثورية.
عاش المغرب فترة قصيرة من الحماس والثقة في إصلاح الوضع الذي كان يهدد استقلال البلد وحريته، وتبين للمغاربة أن اعتراف السلطان باتفاقية الجزيرة الخضراء في مراكش 1907 وتحمل أعباء الديون التي تركها له خلفه مولاي عبد العزيز واللجوء إلى قروض أخرى ومتابعة «الإصلاحات» العسكرية تحت إشراف فرنسا لم يساعد إلا في تسريع وتسهيل سقوط المغرب تحت الوصاية الخارجية. أضف إلى هذا التقسيم الذي عرفه البلد بسبب مؤامرات كبار القياد في الجنوب والذين نسجوا مؤامرات عديدة ضد مولاي عبد العزيز منذ 1904 وكانوا وراء المطالبة بتعيين أخيه خليفة له في 1907. هذا الوضع ساهم بشكل مباشر في تسريع تآكل المخزن من الداخل وفي تفاقم الشلل الذي أصابه وبالتالي في انخفاض شعبيته يوما بعد يوم. في مثل هذه الظروف، كان من الطبيعي أن تنشأ تحالفات وتتفجر ثورات وأن تتزايد محاولات تنحية السلطان مولاي حفيظ، ومن هنا جاء تطويق فاس في فبراير وأبريل 1911 واجتماع القبائل في أغوراي حيث طالبوا بتنصيب مولاي زين العابدين ليعطي للإمامة وللخليفة روحا جديدة.
كما أن أحد أعيان القبائل يدعى عقا بويدماني والحاج محمد مكوار المفاوض الفاسي الذي كان ينشط في المعاملات التجارية مع بريطانيا كانا الركيزة الأساسية في الحكومة المناوئة المؤقتة التي تم تشكيلها آنذاك لتنحية السلطان مولاي الحفيظ .
إلا أن السلطان وجد نفسه في موقف الدفاع عن النفس, فحاول الإستعانة بقبائل الحوز و الشاوية التي كانت تدعمه أول مرة , وشكلت خلافاته مع كبار القياد في الجنوب، الذين أبعدهم من حكومته تحت ضغط القبائل، حجر عثرة أمامه خصوصا وأن الجنرال موانيي عرف جيدا كيف يستغل هذا الوضع لصالحه.
و هكذا طلب من القوات الفرنسية الزحف على فاس واحتلالها , لتمهد هذه الخطوة الفرنسية إلى أزمة أكادير , و تخضع فاس إلى الإحتلال الفرنسي , والتي ستعرف بعد توقيع الحماية مباشرة عدة مجازر ضد أهلها ,
0 تعليقات