المقالة الثالثة من سلسلة تاريخ المغرب الرمضانية , بإمكانك قراءة المقالة الثانية من هنا
موسى بن نصير
لما ارتحل حسان بن النعمان الى المشرق كثرت الفتن التي سببها البربر في البلاد حتى جاء موسى بن نصير و اصلح احوالها، حيث قال الحافظ ابو عبد الله الحميدي ان موسى بن نصير تولى افريقية و المغرب عام 77 للهجرة و قال غيره 87 و هو من التابعين و قال فيه ابن خلكان انه كان عاقلا كريما شجاعا و رعا متقيا لله تعالى ولم يهزم له جيش قط و كان ابو موسى بن نصير من حرس معاوية رصي الله عنه. عندما قدم موسى بن نصير المغرب وجد اكثر مدنها خالية بسبب ما فعلته الكاهنة (تم ذكر الواقعة بالمقالة السابقة) و سوء تدبيرهم لها و كانت البلاد في قحط شديد
و لما خرج موسى غازيا، توغل في جهات المغرب حتى انتهى الى سوس الادنى ثم وصل الى سبتة فاستقبله صاحبها بالهدايا و قبل الجزية و كان على النصرانية و لما رأى بقية البربر ما نزل بهم استأمنوا لموسى بن نصير و اطاعوه. و حسب كلام ابن خلدون فإن موسى بن نصير فتح طنجة و درعة و صحراء تافيلالت و ارسل ابنه الى سوس فأذعن البربر لسلطانه و اخد رهائن المصامدة فأنزلهم بطنجة عام ثمانية و ثمانين للهجرة و ولى عليها طارق بن زياد الليثي كما انزل بها سبعة و سبعين الفا من العرب و اثني عشر الفا من البربر و امرهم ان يعلموا البربر القرآن و الفقه و أمر الناس بالصوم و الصلاة و اصلاح ذات البين،
فتح الأندلس
و لما استقرت القواعد لموسى بن نصير بالمغرب، كتب الى طارق بن زياد و هو بطنجة أن يقوم بفتح الاندلس ففعل ذلك في 12 الف بربري و خلق يسير من العرب. فعبر البحر من سبتة الى الجزيرة الخضراء ثم صعد الجبل المنسوب اليه عام 92 للهجرة . و كانت حينها الاندلس تحت حكم القوط الذين كانت لهم السلطة على شمال المغرب ايضا و كان ملك سبتة يطيعهم و لم يكن له ملك مستقل كعادة ملوك البربر الخاضعين للروم و القوط و كان يليان و هو ملك سبتة حينها يكره ملك القوط بالاندلس و ينقم عليه بسبب فعلة فعلها في ابنته الناشئة و هي عادة اولائك الملوك في بنات بطارقتهم، و كانت هذه من اسباب استقبال يليان حاكم سبتة للوالي و القائد موسى بن نصير و في احدى المرات لما رجع ملك سبتة من عند الحاكم القوطي كان قد طلب منه ان يحضر له 'الشذانفات' و هي نوع من الطيور الجميلة. فرد عليه ملك سبتة قائلا: اذا بقيت لادخلن عليك شذانقات ما دخل عليك مثلها قط" في اشارة إلى المسلمين الذين سيقوضون عليه حكمه". عندها اجتاز طارق بن زياد البحر عام 92 للهجرة. فبلغ ذلك لحاكم القوط فجمع اليه زهاء 40 ألفا من الامم الاعاجم و اهل النصرانية، لكنها سرعان ما تطايروا و تشتتوا امام جيش المسلمين. فكتب طارق بن زياد لموسى عن نصره المؤزر. بعدها لحق موسى بن نصير بطارق بعد ان استخلف على القيروان ابنه عبد الله و خرج معه بن ابي عبيدة بن عقبة بن نافع الفهري. و نهض من القيروان عام 93 للهجرة عسكر ضخم من وجوه العرب و الموالي و عرفاء البربر فأجاز الاندلس و تمم موسى بن نصير الفتح و توغل في الاندلس الى برشلونة في جهة الشرق و اربونة في الجوف و ضم قادس في الغرب و دوخ اقطارها و جمع غنائمها و اجمع ان يأتي المشرق من ناحية القسطنطنية و يتجاوز الى الشام مجاهدا فيهم إلى ان يصل لدار الخلافة. وصلت الاخبار للخليفة الوليد فاشتد قلقه بمكان المسلمين من دار الحرب و رأى ان ما هم به موسى تغرير بالمسلمين فنهاه عن فعلته و امره بالانصراف . عندها رجع موسى عن الاندلس بعد ان انزل الرابطة و الحامية بثغورها ثم رجع موسى بن نصير الى المشرق عام 96 هجرية و معه الغنائم و الذخائر و الاموال بعد ان استعمل ابنه عبد العزيز لسدها و جهاد عدوها و انزله بقرطبة فاتخدها دار امارة و ولى على افريقيا ابنه عبد الله و اندرجت ولاية الاندلس يومئذ في ولاية المغرب.
المصدر : كتاب الاستقصا لأخباردول المغرب الاقصى ج1
0 تعليقات