تاريخ المغرب من الفتح العربي الإسلامي إلى الإستعمار الأوروبي
رمضان كريم
من فكرة فتح المغرب العربي إلى استشهاد عقبة بن نافع
فكرة فتح المغرب العربي:
تعود فكرة فتح المغرب العربي إلى عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة 21 هجرية , وذلك بعد أن تم لعمرو بن العاص فتح مصر, والذي توجه (عمرو بن العاص) بعدها إلى برقة في ذات السنة على رأس كتيبة من الفرسان. فصالح أهلها على ثلاثة عشر ألف دينار جزية, وأما القوات الرومانية فلم تفلت إلا بما خف من مراكبهم..ثم كتب إلى الخليفة "إنا قد بلغنا طرابلس وبينها وبين إفريقية تسعة أيام , فإن رأى أمير المؤمنين أن يأذن لنا في غزوها فعل"., .. فكتب إليه الخليفة "لا ..إنها ليست بإفريقية بل المفرقة,غادرة مغدور بها , لا يغزوها أحد ما بقيت", وذلك أن عمر بن الخطاب كان يخاف على المسلمين من دخول أرض لا علم لهم بها بالمطلق وبعيدة عن العاصمة مما يعني تأخر الإمدادات والأخبار..
عقبة بن نافع:
هو عقبة بن نافع بن عبد القيس القرشي الفهري صحابي بالمولد رضي الله عنه. و هو آخر من ولي المغرب من الصحابة , غير متفق بالضبط على تاريخ ولادته , إلا أنه استشهد سنة 63 للهجرة,
قاتل مع عمرو بن العاص فاتح مصر, وقد ولاه عدد من المهمات , وسنة 42 هجرية فتح غدامس من تخوم السودان و 43 ه فتح ودان وكورا من كور السودان,
سنة 50 هجرية ولاه معاوية رضي الله عنه على إفريقية وبعث معه 10 آلاف فارس , ثم انضافت إليه الكثير من القوات فكثر جمعه.. ثم بنى مدينة القيروان , تلك المدينة التي لها تاريخ مهم في المغرب العربي, والتي تقع اليوم في تراب الدولة التونسية, و ذكر في العجمان أنه لما شرع في عقبة في بناء جامع المدينة تنازعوا في القبلة فأتى عقبة آت في النوم فوضع له علامة على سمت القبلة فلم انتبه أعلم الناس بذلك فأتوا إلى الموضع فوجدوا العلامة كما قال فوقف عقبة ينظر إلى القبلة فنظر فرأى الكعبة عيانا ورآها كل من كان حوله.
ويذكر لنا صاحب الخلاصة النقية أن عقبة اختط القيروان سنة خمسين وجعل دور سورها اثني عشر ميلا وبنى بها الجامع الأعظم وقاتل البربر وشردهم ثم عزله معاوية عنها .
بعد عزل عقبة رضي الله عنه تولى أبي المهاجر دينار وهو فاتح المغرب الأوسط او ما يعرف في أيامنا هذه بدولة الجزائر, ونشب كره بين عقبة وأبي المهاجر إلى درجة أن هذا الأخير بنى مدينة قرب القيروان وأخلى هذه الأخيرة,
وكان كسيلة قائد للبربر من المغرب الأقصى جمع جموع من البربر حوله وزحف نحو المسلمين فلاقاه أبي المهاجر وهزمه شر هزيمة حول تلمسان وتمكن من البلاد وأسلم كسيلة نفسه وأصبح تابعا لأبي المهاجر,
ويقول ابن خلدون : لم أقف لتلمسان على خبر أقدم من خبر ابن الرقيق من أن أبا المهاجر لما قدم إفريقية توغل في ديار المغرب ووصل إلى تلمسان وبه سميت العيون القريبة منها عيون أبي المهاجر, فهو أول أمير المسلمين وطئت خيله المغرب الأوسط.
ولما عاد عقبة بن نافع إلى المشرق شكى إلى أمير المؤمنين معاوية ما ناله من أبي المهاجر فاعتذر له ووعده برده إلى المغرب ثم ولاه ابنه يزيد على المغرب ثانية سنة 62,
وكان أول ما فعله بعد عودته للمغرب أن أعاد نجم مدينته القيروان إلى الشروق مجددا, وولى عليها زهير بن قيس البلوي عليها,
ونشب بينه وبين كسيلة البربري عداء كونه كان من أصحاب أبي المهاجر (وهنا نقف عند رواية تاريخية مهمة , يتم تزويرها اليوم عبر مواقع التواصل الإجتماعي وذلك لتشويه صورة عقبة بن نافع و الفتح العربي الإسلامي وإظهار كسيلة كذاك البطل الذي يحارب لاجل قومه , وكل ما في الأمر أنه كان كما ذكرنا فوق). ولم يكن هذا العداء علنيا فقد كان كسيلة يحضر مجالس عقبة ,
و بعد ان انهى أموره بالقيروان حشد بن نافع جيشا وبدأ في فتح البلاد من الأوراس حتى وصل المغرب الأقصى, وكان أول أمير للمسلمين تطأ خيله المغرب الأقصى,
ثم واصل الفتح فأجاز إلى سوس لقتال من بها من صنهاجة -أهل اللثام- وهم يومئذ على دين المجوسية ولم يدينوا بالنصرانية فأثخن فيهم وانتهى إلى تارودانت وهزم جموع البربر وقاتل مسوقة من وراء سوس ثم قفل راجعا.
استشهاد عقبة
وكان كسيلة يخرج في جيش عقبة , وكما سبق وأشرنا أن بينهما عداوة, وفي أحد الأيام أمره عقبة بسلح شاة بين يديه فدفعها كسيلة إلى غلمانه, فأراده عقبة أن يتولاها بنفسه وانتهره, فقام إليها كسيلة مغضبا وجعل كلما يدس يده في الشاة مسح بها لحيته, فقالت العرب : ما هذا يا بربري؟ فيقول: هو أجير. فقال شيخ : إن البربري يتوعدكم,
ولما قفل من غزاته هذه وانتهى إلى طبنة من أرض الزاب - وكسيلة أثناء هذا كله في صحبته- صرف العساكر إلى القيروان أفواجا , ثقة بما دوخ من البلاد وأذل من البربر حتى بقي في القليل من الجند, فلما وصل إللى تهودة وأراد أن ينزل بها الحامية نظر إليه الفرنجة وطمعوا فيه فراسلوا كسيلة ودلوه على الفرصة فيه فانتهظها وراسل بني عمه ومن تبعهم من البربر فاتبعوا أثر عقبة وأصحابه حتى إذا غشوهم بتهودة ترجل القوم وكسروا أجفان سيوفهم ونزل الصبر, واستلحم عقبة وأصحابه فلم يفلت منهم أحد, و كانوا زهاء 300 من كبار الصحابة والتابعين استشهدوا في مشرع واحد وفيهم أبو المهاجر الذي كان عقبة قد استصحبه في اعتقاله , فأبلى رضي الله عنه في ذلك اليوم البلاء الحسن .
0 تعليقات